صحبة جانت 2021

"السفر قطعة من العذاب" حديث لأبي هريرة يردّده من لا يستعذب حلاوة السفر جرّاء ما يتجرّعه من متاعب، لكن الأمر اختلف هذه المرة، سفريّة على بعد خمسة آلاف كلومتر، خاضها طلبة الأولى ثانوي، مع ثلاثة من مؤطري برامج الصحبة بالمدرسة العلمية، بمناسبة نتائج جيدة استطاعوا بلوغها العام الماضي، بعد وعد قطعه معهم المدير العام، فحققوا ما وعدوا وما كان من المدير إلا أن يفي أيضا بما وعد، رحلة من المدرسة العلمية إلى ولاية جانت.
إجمالي أيام الرحلة ثمانية أيام، يومين للذهاب، وآخرين للإياب، وأربعة أيام قضيناها بجانت البهية، كانت لنا محطاتُ تزودٍ معنوية ومادية خلال الطريق ذهابا وإيابا، الأولى ذهابا والأخيرة إيابا كانت في جناب الزاوية التيجانية بتماسين ولاية توقرت، تعرّفنا فيها على مَرافقها المختلفة، وآفقها في تربية الإنسان التماسيني، بما يحقق له التوازن بين المادة والروح، بين المعنى والمبنى، بين العقل والقلب، حاملة شعارها الخالد: "السبيحة – والمسيحة – واللويحة حتى تخرج الرويحة"، كما لم يفتنا أن جلسنا مع أساتذة ومشائخ أفاضل في جلسات حوارية ونقاشات تربوية ماتعة.
نسأل الله تعالى لهم وافر العافية والرزق لكل المحسنين، وجزاهم الله خير الجزاء على الدفء الذي وجدناه، والفراش الوثير الذي أويناه، والأكل الوفير الذي طعمناه، وكلهم ترحاب وابتسامة وحياء، كأنهم الضيوف هم، ونحن أهل المنزل.
أخذنا قسطا من الراحة بعد مسير ليلة كاملة في "إن إميناس" في طريق الذهاب والإياب، فالشكر موصول لأهلها ووجهاء من أعضاء المجلس الشعبي الولائي ورئيس البلدتين، بلدية "إن أميناس" وبلدية "برج عمر إدريس"، وكلهم إلحاح وعتاب على عدم المكوث والجلوس إليهم.
أما عن برنامجنا في جانت فكان مقسما على أربعة أيام، اليوم الأول والثاني اتجهنا بسيارات رباعية الدفع نحو " تيغرغرت" ونحو " تيكوباوين" حيث الرمال الذهبية والهدوء والجمال الرباني المهيب، إلى غاية صلاة العشاء ووجبة العشاء، واليومين الأخيرين كانا في منطقة "إهرير"، متجولين على الأرجل، حيث المسالك الجبلية والبرك المائية العذبة والنخيل، مرة إلى ناحية " أغرم" وأخرى إلى ناحية " إضارن"، كلها معالم ترسِّخ عظمة الخلق الرباني، وتشير إلى أناس "كانوا من قبل هنا واليوم قد رحلوا"
بالرغم من قصر المدة لكن فوائدها كانت عظيمة من أن نَعدَّها، تعرّف طلبتنا على أساتذهم وتعرف الأساتذة على طلبتهم، نوقشت قضايا فكرية وتربوية وإيمانية وأخلاقية، مثنى وجماعات، استمتعنا بأجواء النكتة والمرح ما أنسانا بعد المسافة وتعب الطريق. الله نحمده أولا وآخرا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى منذ لحظة الانطلاق إلى دخول آخر سائق إلى منزله، والشكر موصول لإدارتنا الحكيمة، سددها الله لمثل هذه الفرص لما لها من وقع بالغ الأثر على نفوس أبنائنا، وإلى خواطر لأسفار قادمة في قابل الأيام بعون الله وتوفيقه.

المشرف على السفرية: أ. عيسى زكرياء بن صالح

التعليقات

إضافة تعليق جديد