مـا لا يـراه المعـلمون في تلاميـذهم إلا نادرًا

حينما يُخلِص المعلم في عمله، ويبذل قصارى جهده في تبليغ تلاميذه ما يفيدهم علما وتربية وتنشئة، ولا ينتظر من جهده جزاء ولا شكورا، ثم يجد من يشيد بجهده وأثره الذي يلمسه في أبنائه مما لم يكن يتصوّره المعلم أو يرى بأنه من ثمار جهده، وأنه أمر عظيم قد غرسه في تلاميذه، لأنه لا يراه عيانا إلا ممن يلاحظ ويقارن ويدرك دقائق الأمور.
هذه بعض من الثمار التي لا يدرك جل المعلمون أنها ذات قيمة، ولكن ثمة من يزنها ذهبا :
1. حين تجتمع العائلة الكبيرة في مناسبة خاصة، ثم يقوم بعض من أبنائها الذين يدرسون في المدرسة بإعداد أنشطة من تلقاء أنفسهم، ويبدعون في إحداث البهجة والمتعة والشغف في أرجاء البيت فلا يكون هذا إلا من ثمرة أولئك المعلمين الذين زرعوا الشجاعة والثقة في إبراز المواهب في أي مكان.
2. حين تتحول المطالعة في المنزل إلى ملاذ من التلفاز الممل، وتكون بديلا لأوقات انتظار الأكل، أو في طريق السفر، فاعلم بأن هذه الميزة إنما اكتسبها الأبناء من بيئة عوّدت أبناءها المطالعة حتى صارت الروح والمتعة التي لا تعوضها متعة أو تسلية أخرى في حياتهم...
3. حين تطير الفرحة بالتلاميذ وتمتلئ جوانحهم نشاطا وعزيمة لمناسبة يجتمعون فيها لعرض أنشطتهم في التظاهرات المختلفة، ويقومون بجرّ آبائهم وأمهاتهم لحضورها معهم بقوة رغم مشاغلهم ومهامهم، فاعلم بأن هذا من أثر الفعالية والتحفيز المؤثر الذي يبذله المعلمون مع كافة تلاميذهم لتقديم ما في قدراتهم من إمكانيات، والأعظم من ذلك حين تصدر من أبناء لم يألفوا ذلك، أو ممن يعتقد بأنه لا يمتلك موهبة بارزة في تصوره.
4. تلاميذ تفتحت عقولهم وانطلقت ألسنتهم لمناقشة أوليائهم في مواضيع لم يكونوا يطرحونها من قبل ولا يسألون فيها، بل وينتقدون آباءهم فيما يرون أنها أمور ألفوها واعتادوها.. إن هذا بلا ريب من طينة الحرية وروح التساؤل الذي ينشره المعلم في قسمه بين تلاميذه في كل مرة، وفي كل التفاصيل ..
وأمـــور أخرى لا نراها ولا نحصيها ولا ندرك أنها تنتقل من قلب ويد المعلم، ومن نظرته والتفاتته وابتسامته، ومن تفكيره وإبداعه لكسر التلقين وتحبيب التعلم ...
هذه بعض شواهد أدلى بها أولياء قسم في المدرسة العلمية في لقاء دردشة وحلقة إثراء ودية في أمسية خريفية جميلة، تألق الأولياء الحاضرون فيها في طرح أفكارهم وملاحظاتهم الصادقة، في موضوع نقاش كان محوره: تلميذنا وكيف ننشئه على الإيمان؟
وقد أعقب هذه الحلقة مأدبة عشاء إكراما وإحسانا لمن جاء ليبادل بالإحسان الساعين في إرشاد الناس إلى الخير والأمل والغد الجميل لهذا الجيل، الذي سيسائلنا غدا إن لم نره طريقه للحضارة.
(اللقاء كان مخصصا لأولياء أقسام السنة الأولى ابتدائي، بالمدرسة العلمية، في تاريخ: الأربعاء 27 نوفمبر 2019).

الأستاذ: يوسف كفوس، مسؤول إدامة المعنى

التعليقات

إضافة تعليق جديد