رحلتي مع الكتابة الإبداعية

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا الموضوع...متسائلة عن مدى نفعه لغيري...لكنني قررت أخيرا أن أحرر بضع فقرات حوله...لعل الأساتذة الكرام يستفيدون من تجربتي المتواضعة مع طلبتي....
بدأت رحلتي مع الكتابة الإبداعية كطالبة فاستمتعت بها واستفدت منها كثيرا...لاحظت انطلاق قلمي بالكتابة وتحرر عقلي بالتفكير والتخيل...وها أنا الآن كأستاذة أقود طلبتي في هذه الرحلة، نحو وجهة جديدة ليكتشفوا بدورهم عوالم أخرى في فنون الكتابة، التفكير والتخيل والإبداع...وحتى يتحرروا من قيود النمطية وقوالب التقليد والتكرار...وليخوضوا تحديات مشوقة تدفعهم للتساؤل الدائم والتفكير المتواصل والبحث عن كل ما هو جديد.
قبل بدء الرحلة مع الطلبة...تركتهم يكتبون أولا في موضوع نمطي اعتادوا عليه من البداية وذلك ليتذوقوا الفرق بين تلك المواضيع التي تجبرهم على التكلف والتقليد والمواضيع الجديدة والغريبة عليهم...فكانت الوجهة الأولى لرحلة الكتابة الإبداعية...هي "داخل التلاميذ" لاستكشاف ذواتهم ولتحرير ما بجوفهم من ذكريات وأمنيات، مخاوف وتحديات ومحاولة مناقشتها بصدق وجرأة حتى يحولوها إلى وقود يحرّك دوافعهم للإنجاز والنجاح في الحياة بشتى مجالاتها....كانت البداية بموضوع غير مباشر...وهو كتابة رسالة إلى ذواتهم القديمة أو المستقبلية، ينصحونها ويوجهونها...وقد اعتمدت طريقة المونولوج(#الحديث_مع_الذات) عمدا، لصعوبة افصاح التلميذ-خاصة المراهق-بمعلومات مباشرة عن ذاته لاعتباره إياها أسرارا لا يجوز البوح بها للغرباء
-الأساتذة-..ونحتاج في هذه الحالة...إلى كسب ثقة التلميذ أولا وتقديم عربون صداقة ليطمئنّ لنا...وقد يكون هذا العربون هو كتابة نفس الموضوع ومشاركته مع التلاميذ لكسر حاجز الخوف والهيبة...أو يكون من خلال مناقشة أخوية ودية حول مختلف قضايا الحياة...المهم ان نثبت أننا هنا للاستماع لا للنقد والاستجواب...استغرب التلاميذ في البداية من غرابة الموضوع وجدّيته..لكنهم سرعان ما ركبوا قطار الرحلة...(قد يتأخر البعض عن صعود القطار في المرة الأولى لكن علينا أن نصبر ونتذكر أن كسب الثقة يحتاج إلى: الوقت والمواقف)...سافر التلاميذ إلى وجهتهم الأولى بروح المغامرة...فكان علينا التأكد من استمتاعهم بها حتى يكرروا التجربة...وقد كانت نقطة الانعراج الحاسمة هي التغذية الراجعة التي حصلوا عليها بعد الرحلة...والتي تمثلت في الملاحظات الكتابية والشفهية...اعتمدت فيها مجموعة من الأساسيات، أولا ان يكون لون قلم التصحيح مخالفا للون الأحمر(بنفسجي، وردي، أخضر...)لأن اللون الأحمر له دلالة نفسية سلبية لدى التلميذ لارتباطه بالأخطاء...في حين أن هدفنا هو التوجيه غير المباشر لتحسين الكتابة مستقبلا فنصحح دون احراج وبأسلوب لطيف...ثانيا: لا بد من إحصاء أكبر عدد ممكن من الايجابيات وتحويلها إلى ملاحظات نغدق من خلالها في المدح والثناء على التلميذ ليكتسب الثقة(سواء تعلق الامر بالخط الجميل، بلاغة الأسلوب، الإبداع في طرح الأفكار، الصراحة...)، ثالثا يجب أن نخاطب التلميذ باسمه ونختم ملاحظاتنا بدعاء صادق، وإمضاء ويمكننا رسم إيموجي تعبيري...والقاعدة الرابعة هي المدح الشفهي أمام الزملاء وقراءة أحسن التعابير-بعد استشارة أصحابها-...وهكذا كانت النتيجة ذهول التلاميذ من طول الملاحظات وجمالها وصدقها، فقد ارتسمت الابتسامة على وجوههم وراحوا يقارنون ملاحظاتهم مع ملاحظات زملائهم فشعروا بالرضا والفخر وقرروا خوض التجربة من جديد...
في رحلة شيقة إلى وجهة جديدة....

يتْبَع......
 

بلال نجمة  أستاذة اللغة العربية للطور الثانوي 

التعليقات

إضافة تعليق جديد